ماهو الديداكتيك

الديداكتيك



 تمهيد



منذ ظهور علوم التربية، والبحث متواصل من أجل عقلنة وترشيد العملية التعليمية التعلمية. ولقد استفادت هذه الأخيرة بالفعل، في كثير من جوانبها، مما وصلت إليه الدراسات والأبحاث في عدد من فروع علوم التربية، خاصة ما يتصل منها بشكل مباشر بالفعل التعليمي وبشروط إنجازه. وهكذا تم استثمار معطيات فلسفة التربية في تحديد هدفية التربية وقيمتها وإمكاناتها وحدودها. كما تم استثمار معطيات سيكولوجية التربية في تحديد أساليب التعامل مع المتعلم. وتم كذلك استثمار معطيات سيكوسوسيولوجية التربية في رصد الظواهر السيكوسوسيولوجية السائدة داخل الفصل، ووعي مستوى العلاقات بين المتعلمين والمدرس، وضبط عوامل تحسين مناخ الفصل ليكون أرضية تعلم ملائمة حقا. وتم أيضا استثمار معطيات سوسيولوجية التربية في إدراك ووعي البعد الاجتماعي الذي يتحكم في العملية التعليمية التعلمية ومختلف التأثيرات التي يحدثها فيها. 
كل هذه الاستثمارات وغيرها، انعكست على العمل التعليمي داخل الفصل، فصار لزاما على الدارسين والممارسين لعملية التعليم، أن يتمثلوا عددا من المفاهيم والتصورات التي تستند إليها الممارسة التعليمية على ضوء الديداكتيك.

 فما هو هذا الديداكتيك ؟ 

   تعاريف حول الديداكتيك

  الديداكتيك هي، بالأساس، تفكير في المادة الدراسية بغية تدريسها، فهي تواجه نوعين من المشكلات: مشكلات تتعلق بالمادة وبنيتها ومنطقها، وهي مشاكل تنشأ عن موضوعات ثقافية سابقة الوجود ومشاكل ترتبط بالفرد في وضعية التعلم وهي مشاكل منطقية وسيكولوجية. فالديداكتيك ليست إذن حقلا معرفيا قائما بذاته، وذلك على الأقل في المرحلة الحالية من تطورها، وقد لا تكون مدعوة لأن تصبح حقلا معرفيا مستقبلا، ومع ذلك، ليس ثمة شك في وجود مجال للنشاط خاص بتدريس مختلف المواد الدراسية. والذي يتطلب بحثا مستمرا قصد تحسين التواصل، وبالأخص، البحث في كيفية اكتساب المتعلم للمفاهيم. (Jasmin, B. 1973).
     الديداكتيك هي شق من البيداغوجيا موضوعه التدريس (1972Lalande .A,) وإنها، كذلك نهج ، أو بمعنى أدق ، أسلوب معين لتحليل الظواهر التعليمية (Lacombe.D.1968).
أما بالنسبة ل B.JASMIN فهي بالأساس تفكير في المادة الدراسية بغية تدريسها ، فهي تواجه نوعين من المشكلات : مشكلات تتعلق بالمادة الدراسي ( وبنيتها ومنطقها .. ومشاكل ترتبط بالفرد في وضعية التعلم، وهي مشاكل منطقية وسيكولوجية .. (JASMIN.B1973) .
* ويمكن تعريف (الديداكتيك) ـ أيضا ـ حسب ( REUCHLIN ) : كمجموع الطرائق والتقنيات والوسائل التي تساعد على تدريس مادة معينة (Reuchlin.M.1974 ).

 الديداكتيك هي الدراسة العلمية لتنظيم وضعيات التعلم التي يعيشها المتربي Le séduquant لبلوغ هدف عقلي أو وجداني أو حسي حركي، وتتطلب الدراسة العلمية، كما نعلم، شروطا دقيقة منها بالأساس، الالتزام بالمنهج العلمي في وضع الفرضيات وصياغتها والتأكد من صحتها عن طريق الاختبار والتجريب. كما تنصب الدراسات الديداكتيكية على الوضعيات العلمية، التي  يلعب فيها المتعلم (التلميذ) الدور الأساسي. بمعنى أن دور المدرس هو تسهيل عملية تعلم التلميذ بتصنيف المادة التعلمية تصنيفا يلائم حاجات التلميذ، وتحديد الطريقة الملائمة لتعلمه، وتحضير الأدوات الضرورية والمساعدة على هذا التعلم. ويبدو أن هذا التنظيم ليس بالعملية السهلة، فهو يتطلب الاستنجاد بمصادر معرفية مساعدة، كالسيكولوجيا لمعرفة هذا الطفل وحاجاته، والبيداغوجيا لتحديد الطرق الملائمة. وينبغي أن يقود هذا التنظيم المنهجي للعملية التعليمية التعلمية إلى تحقيق أهداف تراعي شمولية السلوك الإنساني. أي أن نتائج التعلم ينبغي أن تتجلى على مستوى المعارف العقلية التي يكتسبها المتعلم، وعلى مستوى المواقف الوجدانية، وكذلك على مستوى المهارات الحسية –الحركية، التي تتجلى مثلا في الفنون والرياضيات، Lavallée .   

مفهوم الديداكتيك La didactique:

تنحدر كلمة ديداكتيك، من حيث الاشتقاق اللغوي، من أصل يوناني didactikos أوdidaskein، وتعني حسب قاموس روبير الصغير Le Petit Robert، " درٌّس أو علٌّم "enseigner. ويقصد بها اصطلاحا، كل ما يهدف إلى التثقيف، وإلى ما له علاقة بالتعليم. ولقد عرف محمد الدريج، الديداكتيك في كتابه " تحليل العملية التعليمية "، كما يلي: " هي الدراسة العلمية لطرق التدريس وتقنياته، ولأشكال تنظيم مواقف التعليم التي يخضع لها المتعلم، قصد بلوغ الأهداف المنشودة، سواء على المستوى العقلي المعرفي أو الانفعالي الوجداني أو الحس حركي المهاري. كما تتضمن البحث في المسائل التي يطرحها تعليم مختلف المواد. ومن هنا تأتي تسمية " تربية خاصة " أي خاصة بتعليم المواد الدراسية (الديداكتيك الخاص أو ديداكتيك المواد) أو " منهجية التدريس "(المطبقة في مراكز تكوين المعلمين والمعلمات)، في مقابل التربية العامة (الديداكتيك العام)، التي تهتم بمختلف القضايا التربوية، بل وبالنظام التربوي برمته مهما كانت المادة الملقنة ".

انواع الديداكتيك

ورغم ما يكتنف تعريف الديداكتيك من صعوبات فإن معظم الدارسين المهتمين بهذا الحقل، لجئوا إلى التمييز في الديداكتيك، بين نوعين أساسيين يتكاملان فيما بينهما بشكل كبير، وهما:

- الديداكتيك العام: يهتم بكل ما هو مشترك وعام في تدريس جميع المواد، أي القواعد والأسس العامة التي يتعين مراعاتها من غير أخذ خصوصيات هذه المادة أو تلك بعين الاعتبار.

- الديداكتيك الخاص أو ديداكتيك المواد: يهتم بما يخص تدريس مادة من مواد التكوين أو الدراسة، من حيث الطرائق والوسائل والأساليب الخاصة بها.




تعليقات