
الأدب والغرابة: دراسات بنيوية في الأدب العربي | القراءة التوجيهية للمؤلف
◄ مقدمة:
تنصَبُّ القراءة التوجيهية على كل ما يتعلق بالمناصات والمشيرات التي ترتبط بالمؤلف، إن من خارجه، أو من داخله، كالعنوان واسم الكاتب وزمن الكتابة ودواعي التأليف والحجم وصورة الغلاف والتصدير والإهداء والكلمة المثبتة على ظهر الغلاف والمفتتح والمختتم...
فهذه المشيرات تقرأ ويتم اعتمادها منطلقا لطرح تساؤلات وصوغ فرضيات حول جوانب متعددة في المؤلف، من قبيل: أهميته، أهدافه قراءته، مسوغات اختياره، موضوعه، شكله، توقع نتائجه...
1- التعريف بالمؤلِّف:
الدكتور عبد الفتاح كيليطو باحث مغربي وأستاذ جامعي، ولد سنة 1945 بالرباط، درس مرحلته الثانوية في ثانوية مولاي يوسف، ثم تابع دراسته العليا بالرباط، إذ درس الأدب الفرنسي في كلية الآداب بجامعة محمد الخامس. حصل على دبلوم الدراسات العليا سنة 1971، ثم على دكتوراه الدولة من جامعة السوربون الجديدة سنة 1982 حول موضوع: "السرد والأنساق الثقافية في مقامات الهمداني والحريري".
بدأ ممارسة الكتابة النقدية منذ الستينيات، وكرّس حياته العلمية لمقاربة الثقافة العربية الكلاسيكية على ضوء مناهج نقدية حديثة بنيوية وسيميائية مستفيدا من الفلسفة الغربية وآليات البلاغة العربية القديمة ومعارف التراث العربي القديم والحديث. وقد أثرى الساحة الثقافية العربية بصفة عامة والمغربية بصفة خاصة بدراسات جادة وقراءات أدبية دسمة تنم عن ذكاء خارق وكفاءة تحليلية واضحة وعمق معرفي وتأمل منهجي كبير، حتى إن كتبه تشبه الإبداع في الغواية والافتتان واللذة والمتعة والشاعرية على مستوى التلقي والتقبل.
بدأ عبد الفتاح كيليطو النشر سنة 1976 عندما كان عضوا في اتحاد كتاب المغرب. له دراسات أدبية بالعلم، الاتحاد الاشتراكي، آفاق، Arabica Poétique. وألقى منذ سنة 1968 العديد من المحاضرات، وشارك في لقاءات ثقافية في المغرب وخارجه. قام بالتدريس كأستاذ زائر بعدة جامعات أوروبية وأمريكية من بينها جامعة بوردو، والسوربون الجديدة، الكوليج دو فرانس، جامعة برينستون، جامعة هارفارد.
شكّلت أعماله موضوع مقالات وتعليقات صحفية وكتب وأبحاث جامعية بالعربية والفرنسية، فأصدر مؤلفات باللغة العربية، منها:
- الأدب والغرابة، بيروت، دار الطليعة، 1982.
- الغائـب، البيضاء، دار توبقال، 1987.
- الحكاية والتأويل، البيضاء، دار توبقال، 1984.
2- سياق ودواعي التأليف:
بعد صدور مجلة فرنسية كانت مخصصة للتحليل البنيوي للسرد وتتضمن مقاربة جديدة للأدب، بادر المؤلف إلى قراءة المجلة التي لم يكن على دراية بها كي لا يتخلف عن الركب، لكنه لم يفهم شيئا عن مضمونها. فقد تضمنت مفاهيم جديدة ومواضيع غير معتادة، تخلت عن الأدب العالمي. هذا الحديث دفع المؤلف إلى التفكير في تجديد تكوينه، بعدما أخذت فكرة إعادة النظر في المقررات والمناهج وطرق التدريس تطفو شيئا فشيئا.
في سياق كل هذه الأجواء، ومع مرور الأيام، تغيرت نظرة المؤلف إلى الأدب، فلم يعد يقرأ كما كان يفعل في السابق. وطبعا عندما تتغير القراءة تتغير الكتابة لا محالة، وأثر ذلك بارز في المؤلف الذي بين أيدينا.
3- جنس المؤلَّف:
كتاب "الأدب والغرابة" كتاب نقدي حداثي وطليعي في بيداغوجيته ومعطياته القرائية داخل سياقه السبعيني، يعالج مفهوم الأدب معالجة نقدية في إطار علاقته بالغرابة. إنه بمثابة مدخل لنقد أدبي جديد، يأخذ على عاتقه التراث العربي وكذا النظريات الحديثة المتصلة بمجال الكتابة.
4- بنية المؤلَّف:
يعتبر كتاب "الأدب والغرابة" من أهم كتب كيليطو النقدية التي أثارت ضجة كبرى في الساحة الثقافية. صدر عن دار الطليعة اللبنانية ببيروت في طبعته الأولى سنة 1982 م، في (117) صفحة من الحجم المتوسط. وهو في الحقيقة عبارة عن مجموعة من الدراسات التي تندرج فيما يسمى بــ"النقد الأدبي". صدر بكلمة وتقديم، وانتهى بفهرس دونما خاتمة. في غلاف المؤلَّف صورة لكتابات متقطعة وفرسان عرب يحملون رايات، وعلى ظهر الغلاف كُتِبَ نص مقتطف من الصفحات الأخيرة من المؤلَّف نفسه.
ويمكن تقسم كتاب "الأدب والغرابة" لعبد الفتاح كيليطو إلى قسمين:
- قسم خاص بشرح المفاهيم المتعلقة بالأدب وأجناسه.
- قسم تطبيقي يستهدف رصد المظاهر البنيوية للثقافة العربية الكلاسيكية.
يندرج القسم التطبيقي ضمن قضية التجنيس وتحديد القواعد الثابتة والمتغيرة لكل جنس أدبي على حدة، مع دراسة بعض المكونات السردية في هذه الثقافة الموروثة.
أما القسم الثاني فيدرس فيه عبد الفتاح كيليطو جنس المقامة الأدبية عند الحريري والمقامة الأخلاقية عند عبد القاهر الجرجاني وشخصية المقامة النمطية، والغرابة والألفة في البلاغة العربية من خلال ثنائية المجاز والاستعارة، ثم إشكالية النظم والشعر وشعرية الفضاء في حكاية سندباد.
5- قراءة في العنوان:
جاء عنوان المؤلف مكوّنا من عنوانين: أحدهما أساسي والثاني فرعي. بالنسبة للعنوان الرئيس (الأدب والغرابة) جاء عبارة جملة اسمية مكونة من مبتدأ واسم معطوف خبره محذوف، أو بالأحرى هو مضمون المؤلَّف. أما العنوان الفرعي (دراسات بنيوية في الأدب العربي) فقد ورد بدوره في صورة جملة اسمية حذف منها المبتدأ.
يتكون العنوان الرئيس ظاهريا من مفهومين أساسيين، هما: الأدب، ثم الغرابة.
أ) الأدب: هو أحد الفنون الجميلة التي يعبر بها الإنسان تعبيرا جميلا ومؤثرا عما يختلج في نفسه من أفكار وعواطف ومشاعر وأحاسيس. يقول محمد مندور: "الأدب صياغة فنية لتجربة بشرية". ويقول طه حسين: "الأدب مرآة لنفس صاحبه وبيئته كلما عظم حظه من الجودة والإتقان".
ب) الغرابة: ارتبط هذا المفهوم بحقل معرفية متعددة أهمها العلوم الإنسانية والفلسفة وعلم النفس. هذا الارتباط المتعدد جعل مفهوم الغرابة متعدد الأبعاد والمعاني. ومن معانيه:
- العجز عن التمييز بين الخيال والواقع والـتأرجح أو الشك والالتباس.
- ظهور المألوف في سياق غير المألوف؛ أي كل ما هو خارق وخارج عن المألوف ومفارق للحقيقة والواقع.
◄ العلاقة بين المفهومين: الأدب يحقق هويته من خلال الغرابة كآلية للبناء والتصوير.
أما العنوان الفرعي التوضيحي (دراسات بنيوية في الأدب العربي)، فيتكون من المفاهيم الآتية:
أ) الدراسات: وهو ما توضحه افتتاحية المؤلف، فالكتاب لم يؤلف ككتاب، وإنما أنجز كدراسات متفرقة تشترك في موضوع "الأدب العربي" الكلاسيكي.
والدراسة عبارة عن نقد يمارس من خلاله الناقد التحليل على موضوع أدبي، مثلما تجسد ذلك عناوين الفصول.
ب) البنيوية: نسبة إلى المنهج البنيوي، وهو منهج نقدي ينتصر للنص الأدبي بوصفه لغة مستقلة، ويراهن على تحليل المستويات النصية الداخلية للنص الأدبي. وهذا تصريح وإعلان عن المرجعية النقدية الفكرية التي يتبناها الكاتب.
ج) الأدب العربي: يحدد المؤلِّف هنا ان الدراسة ستنصب على الأدب العربي، رغم أن هذا التحديد يظل ناقصا، إذ لا نعرف أي أدب عربي يقصد. ومن خلال قراءتنا للمؤلَّف سنهتدي إلى أن المقصود هو الأدب العربي القديم، والسرد التراثي خصوصا.
◄ العلاقة بين العنوانين الرئيس والفرعي: تربط بين العنوانين الرئيس والفرعي علاقة تكامل؛ فإذا كان الأول يحدد القضية النقدية التي تشغل الناقد (اعتبار الأدب غرابة)، فإن الثاني يشير إلى الخلفية المرجعية النقدية التي يتوسل بها الناقد لمعالجة موضوعها. فيصبح بذلك مؤلَّفه ضمن خانة النقد الحديث المعتمد على مفاهيم بنيوية بنكهة خاصة.
الأدب والغرابة | مُلخّص القسم الأوّل: النص الأدبي + تصنيف الانواع + قواعد السرد + تاريخ الشاعر
النص الأدبي:
ينطلق الناقد عبد الفتاح كيليطو في هذه الدراسة الأولى، من فكرة مفادها أنّ معظم الدراسات الأدبية لا تهتم كثيرا بتعريف الأدب؛ لأنها تفترض أن طبيعة الأدب معروفة ولا حاجة إلى أن نعرفها. وانطلاقا من هذه الفكرة يسعى الناقد إلى تقديم تعريف للأدب، ولكن قبل ذلك يرى أنه لا بد من معرفة معنى النص أوّلا، ثم يجد أنّ مفهوم النص أيضا هو مفهوم غامض لا يمكننا معرفة المقصود به إلا من خلال تمييزه عن اللانص.
ولهذا يطرح الناقد مجموعة من التساؤلات:
- هل يمكن اعتبار المكالمة الهاتفية نصا ؟
- هل الحوار اليومي نص ؟
- هل الإعلانات التجارية نصوص ؟
ولحل هذه الإشكالات يقترح الناقد مجموعة من المعايير والشروط التي تميز النص عن اللانص؛ فالنص يذوب في المدلول اللغوي ولا ينظر إليه إلا من هذه الزاوية، عكس اللانص. كما يتميز النص عن اللانص بكونه يحمل مدلولا ثقافيا، لذلك يُحتفظ به ويُخشى عليه من الضياع ويُحصر بين دفتي كتاب ويُحرص على تعليمه في المدارس والجامعات، إضافة إلى أنه يُستشهد به ويُنسج على منواله، هذا إلى جانب اعتبار النص مُفسّرا ومُؤوّل وواضحا بخلاف اللانص...
بعد هذا التمييز الذي أقامه الناقد بين النص واللانص، يعود لتحديد مفهوم الأدب وذلك من منظورين مختلفين:
- المنظور العربي: الأدب هو التحلي بالأخلاق الفاضلة والقيم النبيلة.
- المنظور الغربي: La Littérature ظهرت هذه الكلمة في نهاية القرن الثامن عشر، ويُقصد بها: القصة القصيرة، السيرة الذاتية، السيرة الغيرية، الشعر، الرسائل، المذكرات...
ثم ينتقل الناقد إلى تعريف النص الأدبي، حيث يقترح تعريفين اثنين:
· التعريف الأول: يرى في النص الأدبي إحالة على عالم الأشياء والشخصيات والأحداث الخيالية... (يهتم بالنثر).
· التعريف الثاني: ينطلق من الوظيفة الشعرية التي ترتكز أساسا على الوزن والقافية والجناس والطباق... (يهتم بالشعر).
وهنا يخلص في نهاية هذه الدراسة إلى أن محاولة تعريف الأدب سابقة لأوانها، ولا يمكن تعريفه إلا من خلال ربطه بأنواع النصوص الأخرى.
تصنيف الأنواع:
يتم تصنيف النصوص الأدبية إلى أنواع حسب عناصر أساسية وأخرى ثانوية؛ فإذا لم يحترم النص العناصر الثانوية فإن انتماءه إلى النوع لا يتضرر، أما إذا لم يحترم العناصر الأساسية فإنه يخرج من دائرة النوع ويندرج تحت نوع آخر. كما يتم تصنيف الأنواع بنفس الطريقة التي تُصنّف بها الصور البلاغية، حيث نجد أن النوع يتحدد قبل كل شيء بما ليس واردا في الأنواع الأخرى، مثل: المدح والهجاء، النسيب، الخمريات، العتاب، الوعيد، الإنذار، المناظرة...
ويرى الناقد عبد الفتاح كيليطو أن القدماء كانوا يميزون بين الأنواع النبيلة والأنواع السيئة، فلا يهتمون إلا بالأولى، وهكذا يمكن تصنيف الأنواع إلى نثر ونظم (شعر)؛ فالنثر يتميز بالتشتت والتبعثر، في حين أنّ النّظم متماسك ومترابط. ثم إنّ النثر يخضع لقواعد النحو، بينما النظم فيضيف إلى قواعد النحو قواعد الوزن والقافية.
وهنا يقترح الناقد تنصنيفا مختلفا عن باقي التصنيفات الأخرى، يعتمد على تحليل العلاقة القائمة بين المتكلم والخطاب، حيث يقسمه إلى أربعة أنواع:
- المتكلم يتحدث باسمه.
- المتكلم يروي لغيره.
- المتكلم ينسب لنفسه خطابا لغيره.
- المتكلم ينسب لغيره خطاب نفسه.
قواعد السرد:
لقد كانت هناك محاولات عديدة لتحديد قواعد السرد منذ العصر اليوناني مع أفلاطون، مرورا بـالحريري وابن الخشاب، ثم ديدرو وفلاديمير بروب وغريماس ورولان بارت وتلامذتهم، وانتهاءً بـ هنري جيمس. وقبل أن يتحدث الناقد عن قواعد السرد يبدأ أولا بتعريف الحكاية التي تنبني على هذه القواعد، حيث يقول إنّها مجموعة من الأحداث التي تنتظم على شكل سلاسل تكثر أو تقل حسب طول أو قِصر الحكاية، يشدّ أفعالها رباط زمني ومنطقي.
وللسرد ثلاث قواعد:
- القاعدة الأولى: ارتباط السابق باللاحق.
- القاعدة الثانية: ارتباط تسلسل الأحداث بنوع الحكاية.
- القاعدة الثالثة: ارتباط تسلسل الأفعال السردية باعتقادات القارئ في مجرى الأمور.
· دراسة الأدب الكلاسيكي: ملاحظات منهجية
يؤكد الناقد عبد الفتاح كيليطو في بداية هذه الدراسة، أنّ الأدب الكلاسيكي تُستعمل فيه مجموعة من المفاهيم الأساسية، من قبيل:
- مفهوم الفرد المبدع: فالباحث العربي في الأدب الكلاسيكي يهتم بالشخصيات المشهورة فقط.
- مفهوم التعبير: حيث يصبح الأدب مرآة تعكس شخصية صاحبه.
- مفهوم تلاحم أجزاء النص: إذ نجد في كل نص وحدة خاصة تربط بين أجزائه.
كل نص أدبي كلاسيكي تختلف دراسته من باحث لآخر؛ فإذا كان الباحث عربيا فإنّ المهم سهلة نوعا ما، أما إذا كان الباحث مستشرقا فإن المهمة تصعب نوعا ما. ويتم الاستناد في ذلك على خطاطة التواصل التي اقترحها ياكوبسون:
المخاطِب ¬ خِطاب ¬ المخاطَب
¯
النسق
حيث المخاطِب يوجه خِطابا إلى المخاطَب، وهذا الأخير يفهم الخطاب لأنه يشترك مع الأول في امتلاك النسق (اللغة)، وإذا انعدم النسق فإن عملية التواصل تكون فاشلة. وهذا ما يحدث عندما يجهل المخاطَب اللغة التي يستعملها المخاطِب.
تاريخ الشاعر:
لقد كُتِب الكثير عن الشعر العربي القديم، لكن القليل فقط من اهتموا بـالشاعر، هذا الذي تختلف عوامل ودوافع نَظْمِه للشعر؛ حيث نجد امرؤ القيس ينشط لقول الشعر إذا ركِب، وزهير إذا رغِب، والأعشى إذا طرِب، والنابغة إذا رهِب.
ولهذا نجد الشاعر الجاهلي يحتل مكانة عالية داخل قبيلته، لأنه الناطق الرسمي باسمها فأحيانا يعبر عنها وأحيانا أخرى يعبر عن ذاته. وكان الاعتقاد السائد آنذاك أن لكل شاعر شيطان.
وبعد مجيء الإسلام كان الشاعر والشعر معا يحظيان بنفس المكانة التي كانا عليها في العصر الجاهلي، والذي تغير فقط هو الانتماء العقائدي للشاعر، فكان منهم الخوارج والمسلمون والكفار...
بعدها سيأتي العصر الأموي الذي بدأ فيه الشعر يخرج عن دائرة الفنون ليختلط بمجال السياسة، مما سيمهد لمكانة الشاعر والشعر بالتراجع، حيث ستنهار قيمة الشعر والشاعر معاً في العصر الموالي (العباسي)، وذلك راجع إلى أربعة عوامل أساسية:
- تكوين جيش نظامي معظم عناصره من غير العرب.
- تنظيم الدواوين والكتب، والتركيز على أهمية الكاتب.
- ظهور الدعاة والوعاظ والقصاصين... الذين نافسوا الشاعر.
- تطور علوم: االتفسير والفقه والحديث والفلسفة... التي أخذت بدورها تزاحم الشعر.
- المقارنة:
يقارن الناقد عبد الفتاح كيليطو في هذه الدراسة، بين البلاغتين العربية واليونانية؛ البلاغة العربية من خلال نموذج الجرجاني، والبلاغة اليونانية أرسطو أنموذجا.
فإذا كانت البلاغة عند العرب من أجل الإمتاع، فإن البلاغة اليونانية (الريطوريقا) أقرب من الخطابة وهي من أجل الإقناع.
ويشير الناقد إلى أنّ هناك بلاغة أخرى تمّ إهمالها رغم تشابهها مع البلاغة العربية وهي البلاغة الهندية.
- البلاغة بين الأمس واليوم:
يشير الناقد إلى أنّ البلاغة كانت في ما مضى علما نابضا بالحياة، ولكنها اليوم لا تكاد تحرّك أيّ فضول مقارنة مع علم التنجيم وعلم الكيمياء القديمة؛ حيث تطور علم التنجيم إلى علم الفلك، والكيمياء القديمة إلى الحديثة، أما البلاغة فقد بقيت على حالها منذ التقسيم الذي وضعه السكاكي.
- الاستغراب:
يتحدث الناقد عبد الفتاح كيليطو في هذا الجزء من الدراسة الأولى ضمن دراسات القسم الثاني، عن ثنائية الألفة والغرابة؛ حيث يشير إلى أن هاته الثنائية تحضر في كل شيء، ففي الحياة اليومية مثلا هناك أناس مألوفون وأناس غرباء، وفي النصوص الشعرية أيضا نجد تعابير مألوفة وأخرى غريبة، خصوصا تلك التعابير المجازية.
- ما معنى المجاز ؟
• المجاز لغة: يعني انتقال الشيء من مكان أصلي إلى مكان آخر.
• اصطلاحا: أسلوب بلاغي من أساليب علم البيان، وهو استعمال اللفظ في غير معناه الذي وضع له في أصل اللغة، لوجود علاقة المشابهة القائمة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي كما في الاستعارة، أو علاقة السّببيّة / المسبّبيّة / الجزئيّة / الكلّيّة / اعتبار ما كان / اعتبار ما سيكون / المحلية / الحالية كما هو الشأن في المجاز المرسل.
- مجاز الشمس:
يشير الناقد عبد الفتاح كيليطو إلى أن متأمل الأمثلة التي يوردها الجرجاني في كتاب أسرار البلاغة يجدها دائما حاضرة مع الشمس، حيث إن هذه الأخيرة هي مصدر النور والدفء والطاقة، وعندما تغيب ويحل الظلام فإن القمر يستعير نوره من الشمس. وهنا يظهر الدور الأساسي الذي تلعبه الشمس في حياتنا اليومية، هذا ما جعل الجرجاني يذكرها في جل الأمثلة التي يقدمها في كتابه.