دة .كريمة حليم
أستاذة التربية العامة بالمدرسة العليا للأساتذة بفاس
![]() |
دينامية الجماعة وتطبيقاتها التربوية للأستاذة كريمة حليم |
تقديم:
إن انفتاح المجالات المعرفية عن بعضها البعض والاستفادة المتبادلة بينها يدفعنا إلى عدم الاعتراف بحدود ثابتة للعلم. ولعل النقلة النوعية التي تعرفها المؤسسة التربوية اليوم أكبر دليل على ذلك؛ نظرا لا نفتاحها على الكثير من العلوم المعرفية كعلم النفس وعلم الاجتماع وفسيولوجيا الدماغ والتكنولوجيا الحديثة...
بالاضافة إلى استقاء مجموعة من المفاهيم التي أثبتت جدارتها في تحقيق مبدأ الجودة وتحسين المردودية. وفي هذا السياق سنتناول مفهوم دينامية الجماعة باعتباره أحد المفاهيم التي تم استثمارها في المجال التربوي بشكل واسع وتحديد إسهاماته في تطوير هذا المجال.
- فما المقصود إذن بدينامية الجماعة؟
- وكيف ظهر هذا المفهوم؟
- وماهي المجالات التي ارتبط بها؟
- ماهي تطبيقاته العملية في المجال التربوي وما هي النجاحات التي حققها؟
إن الإجابة على هذه التساؤلات هو ما سيشكل محور مقاربتنا لهذا الموضوع.
أولا: تعريف دينامية الجماعة
إذا قمنا بتفكيك هذا المفهوم وتحليله إلى عناصره البسيطة فسنلاحظ بأنه يتضمن كلمتين هما:
دينامية وتعني حسب المعجم الفلسفي لجميل صليبا 1982 مذهب فلسفي مقابل للميكانيكية أو الالة ويطلق على المذاهب الفلسفية التي ترى أن الحركة أو الصيرورة أولية. وأن حقيقة المادة هي الحركة. ويطلق هربارت Herbart لفظ الديناميكا على دراسة حالات الشعور من جهة اتصافها بالحركة والتبدل؛ ولفظ السطاتيكا: على دراسة حالات الشعور من جهة اتصافها بالتوازن. ويطلق أغست كونت وسبينسرلفظ السكون الاجتماعى statique sociale على توازن الجماعات ولفظ الحراك الاجتماعى Dynamique sociale على تقدم الجماعات وتطورها.
أما كلمة جماعة فتعني حسب نفس المعجم طائفة من الأفراد يجمعهم غرض واحد. ويطلق لفظ الجماعة على الزمرة, أو الفرقة! أو الفوج Groupe أي جماعات العمل. ونعبر عن ذلك في علم النفس التربوي بزمرالتعلم, وتتألف من عدد محدود من الأفراد يجمعهم المرfي ليكسب كلا منهم ما ينبغي له أن يدخله على سلوكه من التغير حتى يصبح متكاملا مع غيره من أفراد جماعته. ويطلق اصطلاح جماعات الضغط أو فرق الضغط (groupe de pression) على الجماعات التى تنشأ لغرض الدفاع عن مصالح أفرادها. كالنقابات التى تعمل على تحقيق مطالبها بمختلف الوسائل التي تمكنها من التأثيرفي الرأي العام .
بناءا على هذه التوضيحات الأولية لكلمة دينامية وكلمة جماعة بمكن تقديم بعض التعاريف التركيبية لمفهوم دينامية الجماعة وهي كالتالي:
1- تعريف موسوعة العالم الجديد (1975) EDMA
تعني دينامية الجماعة تقنية سيكولوجية تهتم بدراسة أنماط السلوك المثارة داخل جماعة صغيرة من الأفراد المجتمعين بهدف التجربة التي يقوم بها عالم النفس أو الطبيب المعالج للدفع بأعضاء المجموعة إلى التعبير عن مشاكلهم ومكنوناتهم النفسية واقتراح تفسيرات سيكولوجية لذلك.
2-تعريف لوين كورت (1967) lewin kurt
تعبر دينامية الجماعة عن تلك القوى النفسية والاجتماعية المتعددة والمحركة والفاعلة التى تكمن وراء سلوكيات الأفراد والجماعات حيث بكن التعرف عليها, بل وقياسها في بعض الأحيان.
3- تعريف عبد الرحمن محمد عيسوي (19745)
يرى عبد الرحمن العيسوي أن هذا المفهوم يشير إلى عدة معانى منها:
أنه التغيرات التي تحدث داخل الجماعات الاجتماعية؛ ويقصد بالدينامية هنا علاقة العلية أو العلة والمعلول أوالسببية. ومن معاني هذا الاصطلاح أيضا كيفية تكوين الجماعة وكيفية أدائها لوظائفها, كما يشير إلى دراسة الوسائل والإجراءات اللازمة لتغيير بناء أو تركيب الجماعة وسلوكها كجماعة وليس كأفراد.
4- تعريف أحمد عبد العزيز سلامة (1981)
تشير دينامية الجماعة إلى ذلك الفرع من العلوم الإنسانية الذي يهتم بالدراسة العلمية المنظمة للجماعة وتكوينها ونموها و نشاطها وإنتاجها والتفاعلات القائمة بين أفرادها بغية الوصول إلى القوانين العلمية لتنظيم هذه الجوانب تطبيقيا وعمليا لتحسين مستوى الجماعة ورفاهية المجتمع.
وإذا تأملنا هذه التعاريف مكن أن نستنتج بأن دينامية الجماعة تتميز بمجموعة من الخصائص أهمها: أنها تشكل بؤرة للتفاعلات التي تقوم على أساس التواصل بين أفراد المجموعة الواحدة أو المجموعات المختلفة.
ثانيا : ظهور مفهوم دينامية الجماعة
تم استعمال مفهوم دينامية الجماعة لأول مرة على يد عالم النفس الالماني لوين كورت Lewin kurt 1890 - 1947 الذي اعتبربأن دراسة الجماعة الصغيرة تشكل مجالا خصبا قائما بذاته وأن حياة الجماعة هي نتاج لتفاعلات كثيرة ومختلفة. وقد أشار لوين كورت إلى بعض الخصائص التي تطبع كيان الجماعة ومنها ما يلي :
- الجماعة منظومة تتكون من كل عضوي ترتبط أجزاؤه فيما بينها عن طريق التفاعل والتبعية المتبادلة.
- تتجاوز الجماعة رغم استقلالية أفرادها مجموع خصائصهم وتكتسب حياة خاصة بها.
- يتفاعل كل عضوفي الجماعة مع بقية الأعضاء ومع الجماعة كلها ومع العالم الخارجي.
- الجماعة دائما في حالة توازن مؤقت. أي أنها تعيش استقرارا نسبيا وتغيرا من حين لآخر.
وإذا كان من الصعب حصر العوامل المساهمة في بلورة مفهوم دينامية الجماعة نظرا لكثرتها وتداخلها, فقد حاولنا التغلب على هذه الصعوبة من خلال عملية التصنيف, ليتضح لنا بأن هناك نوعين من العوامل:
عوامل مرتبطة بالظروف التاريخية والاجتماعية
- وتتجلى في البحث عن حلول لمشاكل إدماج الأقليات بالمجتمع الأمريكي.
- ظروف الحرب العالمية الني دخلتها الولايات المتحدة الأمريكية دفعتها إلى البحث عن تقنيات جديدة للتكوين العسكري وتحديد عوامل التماسك داخل كل وحدة عسكرية والعوامل التي يمكن أن تؤثر على هذا التماسك.
- تعدد الجمعيات في الولايات المتحدة الأمريكية جعل منها موضوعا مثيرا للاهتمام ودافعا للبحث في دينامية الجماعات.
- الأزمة الاقتصادية التي أسفرت عنها الحرب العالمية, وطغيان هاجس تعويض الخسائر والرفع من مستوى الإنتاج في المعامل. الأمر الذي دفع الجهات المسؤولة إلى الاستعانة بخبراء في علم النفس وعلم الاجتماع.لبحث العواد التي يمكن أن تؤدي إلى تحسين المردودية لدى الفرق العاملة بالمصانع.
رابعا: دينامية الجماعة والمجال التربوي التعليمي
ليس مصادفة أن يبي كورت لوين 1944 kurt lewin باعتباره مؤسسا لمفهوم دينامية الجماعة نظريته حول الشخصية على نموذج بيداغوجية الجماعة وما يروج داخلها من أنماط التوافق الذي يحكم حقل العلاقات الإنسانية وبنيات الشخصية. وليس غريبا أيضا أن تكشف المراجعات التي عرفتها المرسسة التربوية خلال السنوات الأخيرة عن أهمية دينامية الجماعة في الممارسة التربوية داخل الفصل الدراسي. نظرا لما تتضمنه من تفاعلات وأبعاد سيكولوجية وسوسيولوجية... يمكن من خلالها فهم وتفسيرمجموعة من السلوكيات الملاحظة لدى التلاميذ والمدرس من جهة. أوإثارة وتعزيز أنماط سلوكية تساعد على تحسبن الاداء من جهة أخرى.
فإذا انطلقنا من "جماعة القسم" كنموذج لدينامية الجماعة يمكن أن نصفها بأنها جماعة نظامية مؤسسية تتضمن مجموعة من الأفراد في حالة تفاعل. ومن خصائص جماعة القسم ما يلي:
- وجود شخص راشد هوالمدرس۔
- علاقات منتظمة مع المجموعة المكونة من التلاميذ المراهقبن أو الأطفال.
- حضورالزامي.
- الاجماع بهدف التكوين داخل الموسسة.
من خلال التحديد الذي قدمناه يمكن القول بأن جماعة القسم: أي مدرس-تلاميذ تشكل صورة مثلى لدينامية الجماعة. فمن خلالها يمكن رصد مختلف التفاعلات الني تحدث بين أطراف العملية التعليمية داخل الفصل الدراسي وما ينتج عنها من ظواهر نفسية واجتماعية متنوعة.
1- جماعة القسم والتواصل التربوي
يعتبر التواصل التربوي مظهرا من مظاهر التفاعل الذي يحدث بين المدرس وتلاميذه داخل الفصل الدراسي؛ ويرمي بالاساس إلى التأثير في السلوك بهدى تعديله أو تغييره كما أنه يقوم على إرسال وتلقي المعلومات والأفكار بواسطة رموز مشتركة في الفهم ببن أعضاء الجماعة. وهو ما يعني أن التواصل التربوي يتطلب مجموعة من الشروط الأساسية وهي كالتالي:
- ضرورة وجود طرفين. مرسل ومستقبل حتى يحدث التأثير
- ضرورة فهم المستقبل لما يقصده المرسل.
- غياب عوائق فيزيقية أو سيكولوجية تحول دون اتصال الأفراد فيما بينهم.
- ضرورة تشجيع العمل الجيد كلما ظهر التأثيرني السلوك من أجل ضمان استمرارية التواصل.
واذا نظرنا إلى العملية التعليمية ضمن جماعة القسم نجدها في جوهرها عملية تواصلية بامتياز. نظرا لا تتقاسمه تلك الجماعة سواء على مستوى المعايير أو الأدوار أو العلاقة التربوية السائدة داخل جماعة القسم .
ا-على مستوى المعايير:
تخضع جماعة القسم لمجموعة من المعايير المؤسسية التي تلزم كل المنتمين إليها بالامتنال لها واحترامها.إذ أن هناك اتفاقا ضمنيا مشتركا بين أعضاء الجماعة على إلزامية تلك المعايير ومن ثمة فهى تشكل عنصرا هاما للتواصل يتم وفقه الدخول في علاقات بيداغوجية محددة, فالمدرس في تعامله مع تلاميذه يسلك حسب منظومة من المعايير التي يتطلبها كل موقف تربوي أو تعليمي: كضبط الوقت وطريقة العمل وكيفية الدخول والجلوس في القسم وكيفية التعامل بين الأستاذ والتلاميذ وأنماط السلوك المرفوضة التي يجب التخلي عنها داخل الفصل الدراسي... إلى غير ذلك.
وإذا كان التواصل عنصرا أساسيا يفرض نفسه في الفعل التعليمي سواء كان هذا الأخير يتضمن إ كساب مهارات وتثبيتها لدى التلاميذ. أو نقل وتبليغ مجموعة من المعلومات والأفكار فإن المعايير تبقى الإطار المرجعي المشترك الذي يؤطر التواصل بين أفراد الجماعة ومكنهم من تقييم الأنماط السلوكية الصادرة عنها.
ب-على مستوى الأدوار:
تعتبر الأدوار بمثابة الجانب الدينامي لمكانة الفرد دخل الجماعة, وقد تكون إلزامية في مواقف واختيارية في مواقف أخرى. كما تتعدد الأدوار عند الفرد الواحد بحسب أوضاعه الاجتماعية. لكن ما ينبغي التأكيد عليه هو أن الأدوار تخضع هي الأخرى لمجموعة من المعايير وتطبع الفرد بسلوكيات خاصة. فدور المدرس داخل الفصل يتطلب مهارات محددة ودور التلاميذ أيضا يستوجب أنماطا خاصة من السلوك. فإذا نظرنا إلى جماعة القسم باعتبارها تجمعا بشريا داخل مؤسسة تربوية نجد بأنها مثل شبكة من الأدوار التي تتطلب التواصل المسبق بين أعضاء الجماعة لتوزيع الأدوار ومعرفة المهام الموكولة لكل عضو أو جماعة داخل الفصل الدراسي. فحينما يتم تقسيم الأدوار داخل الجماعة بنوع من التراضي بين أعضائها يخضع كل فرد لتنشئة اجتماعية يتعلم من خلالها قيم التعاون والمشاركة واحترآم الآخر والنظرة الموضوعية للقضايا الخاصة والعامة. والنقد الذاتي... مما يؤهله للتوافق الإيجابي مع الأوساط الاجتماعية التي يتفاعل معها.
ج -على مستوى العلاقة التربوية:
تمثل العلاقة التربوية بين المدرس والتلاميذ جوهر العملية التعليمية التي يقوم على أساسها كل تواصل تربوي مهما كانت طبيعته. فهي كما يحددها بوستيك 1979 "مجمرع العلاقات الاجتماعية التي تتكون بين المربي والأفراد الذين يربيهم للسعي نحو تحقيق الأهداى التربوية داخل بنية مؤسسية معين علاقات ذات خصائص معرفية وعاطفية محددة, تعيش استمرارا ولها تاريخ." والواضح من هذا التحديد أن العلاقة التربوية تتطلب دخول عدد من الأفراد في عملية تواصلية. غير أننا نخص بالتحديد هنا تلك العلاقة التربوية التفاعلية داخل جماعة القسم و بمكن النظر إليها من زاويتين:
علاقة المدرس بالتلاميذ
إن التعاقدات الضمنية والصريحة التي تنم بين المدرس والتلاميذ لها دور أساسي في تحديد العلاقة التربوية
وطبيعة السلطة التي تمنح للمدرس داخل الفصل الدراسي. . حيث يمكن أن نتحدث عن المدرس القائد,المدرس المستبد, المدرس المرشد,المدرس المتفهم,المدرس الصارم, المدرس اللامبالي... إلى غير ذلك من الأنماط.
كما أن تمثلات المدرس للتلاميذ يمكن أن تساهم بشكل كبيرفي تحديد مسار هذه العلاقة. فإذا كان المدرس ينظر إلى التلميذ باعتباره ذاتا سلبية لاتتجاوز مهمة استقبال المعارف؛ ويجعل من الامتثال والخضوع أساسا للاكتساب والتعلم فإن هذه النظرة لاترقى إلى مستوى تطلعات التلميذ الذي يطمح إلى تحقيق مطالبه وحاجاته النفسية المتنوعة مثل الاهتمام والاحترام وتقدير الذات والاعتراف بمجهوداته المتواصلة للنجاح في عمله.
علاقة التلميذ بالتلميذ
إن انخراط التلميذ في العمل داخل جماعة القسم يتيح له فرص التواصل مع أقرانه واكتشافهم كأشخاص, فيتعرف على طباعهم وأخلاقهم وقدراتهم مما يدفعه إلى الاعتراف بالتنوع والاختلاف وبالتالي التعرف على العديد من الآراء والاتجاهات المختلفة. فمن خلال هذا العمل الجماعي يتمكن التلميذ من بناء علاقات أفقية تمكنه من اختيار أصدقاء جدد. يتبادل معهم الأفكار ويتقاسم معهم الأهداف المشتركة.وبذلك يكتسب التلميذ خبرات جديدة تساعده على الخروج من مركزية الذات والاعتراف بالآخر وبحقه في الاختلاف كما يتعلم احترام الآخر والإنصات لآرائه؛ وتحمل المسؤولية مع أقرانه فيكتسب من ثمة قيما ومعايير جماعية تمكنه من العيش داخل جماعات مختلفة.
2۔ جماعة القسم وعملية التحفيز
تتم عملية التحفيز من خلال علاقة بين طرفين أو أكثر وتتطلب هذه العملية بداية القبول بالآخر وا لاقتناع بقدرته على التطور والثقة بإمكاناته. ولعل أول خطوة لبداية تحفيز جيد تقوم على بناء علاقات تربوية سليمة بين أقطاب جماعة القسم. فالمدرس من خلال اتجاهاته وسلوكياته التشجيعية أو الإنتقاصية نحو التلاميذ يساهم بشكل كبيرفي تعزيز هذه العلاقات إيجابا أو سلبا.
وإذا انطلقنا من التحفيز كشرط أساسي ضمن شروط التعلم الجيد يمكن تحديده بأنه مجموعة من القوى التي تفسر أنشطة الانسان وتدفعه إلى الاشتغال مثل: الرغبة. الحاجة. الاهتمام. الارادة. الهدف. كما يعرفه البعض بأنه مجموع القوى الشعورية واللاشعورية التي تحدد سلوك الإنسان. لكن ما ينبغي الإشارة إليه هوأن التحفيز مهما كانت طبيعته ليس معطى جاهزا بل هو مكتسب ويتم بناؤه ليشكل في النهاية عاملا أساسيا لنجاح أوفشل أي تعلم.
أنواع التحفيز:
يمكن الحديث عن نوعين من التحفيز:التحفيزالخارجي motivation extrinsèque وهو مرتبط بعوامل خارجية وقد يكون عبارة عن ثواب أو عقاب يتم بإحداهما إطلاق الفعل وتعزيزه لدى المتعلمين. التحفيزالداخلي motivation intrinsèque ويجد هذا النوع من التحفيز مصدره في حاجات ورغبات المتعلمين للنجاح والتقدير الاجتماعي. الذي يتم تعزيزه باعترافات رمزية من المحيط الاجتماعي.
وسواء كان هذا التحفيز داخليا أو خارجيا فإنه يعكس حالة من الاهتمام الموجودة لدى المتعلمين. بحيث كلما ارتفعت درجة هذا الاهتمام ارتفع الإقبال على موضوع التعلم وكلما ارتبط هذا الموضوع ارتباطا قويا بحاجات المتعلمين كلما كان الاجتهاد في طلبه أكثر إلحاحا.
أهمية التحفيز داخل جماعة القسم:
إذا انطلقنا من المقاربة السلوكية في بعض جوانبها وهي مقاربة لها مشروعيتها في فهم وتفسيربعض سلوكيات التعلم لدى الإنسان, يمكن القول بأن جماعة القسم تلعب دورا حيويا في إثارة سلوك التلاميذ وتحفيزهم للتعلم. حيث أن كل سلوك صادرعن المدرس يشكل مثيرا لأفعال التلاميذ والعكس صحيح. وبالتالي فإن كل استجابة هي نتيجة تأثيرات متبادلة بين العناصر المكونة لجماعة القسم. ويمكن توضيح أهمية التحفيز داخل جماعة القسم من خلال جانبين على الاقل وهما: الجانب الوجداني والجانب المعرفي.
الجانب الوجداني
إذا انطلقنا من الرغبة الطبيعية لدى الانسان في التواصل مع الآخرين فإننا نجدها تشكل دافعا أساسيا لانتمائه إلى الجماعة وامتثاله لمعاييرها خوفا من قلق العزلة. وإذا نظرنا إلى جماعة القسم بخصائصها التفاعلية فإننا نعتبرها مصدر إشباع للعديد من الحاجات الناتجة عن التواصل بين أفرادها,مثل الحاجة إلى الانتماء.الحاجة إلى الصراع والمنافسة. الحاجة إلى النشاط والعمل مع الآخر ومشاركته, الحاجة إلى التفوق وتقديرالذات, الحاجة إلى التحسن والنجاح في أداء الاعمال... إلى غير ذلك.
لكن السؤال الذي قد يطرح نفسه بالحاح خاصة لدى المدرسين وباقي الوسطاء التربويين:
ماهي الوسيلة لإشباع هذه الحاجات لدى جماعة القسم؟ وبالتالي كيف يمكن خلق الرغبة في التعلم لدى التلاميذ؟
يشكل الاهتمام أساسا نفسيا فعالا لإثارة دافعية التعلم لدى التلاميذ, ففي بعض الأحيان لا نستطيع الوقوف على أهمية تدريس بعض المواد والانشطة في حد ذاتها. لكنها تصبح ذات أهمية قصوى حينما تستجيب لحاجات التلاميذ. ولعل استثمار المدرس لاهتمامات التلاميذ في توجيه طاقاتهم النفسية نحو موضوع التعلم يشكل مدخلا إيجابيا في العملية التعليمية. ولكي تتأسس علاقات تربوية سليمة بين المدرس والتلامية من الضروري أن تراعى احتياجات هولاء وأن تكون العملية التربوية قادرة على إشباعها, ذلك أن المردودية ترتفع بقدرما توفر الانشطة التعليمية إشباعا لحاجات التلاميذ وتتوافق مع ميولاتهم واتجاهاتهم.
الجانب المعرفي
إن الهدف الأساسي لكل تكوين تربوي ليس هو تحصيل المعارف بل اكتساب القدرة على تحصيل المعارف أو بمعنى أدق اكتساب القدرة على التعلم الذاتي.فبالإضافة إلى تنمية المهارات التواصلية تعتبر جماعة القسم مصدر إثارة لقدرات التلاميذ وتنمية مهارات جديدة للاستنمار الذاتي. فتواجد التلميذ في جو من النظام والمسؤولية داخل جماعة القسم يدفع إلى الرغبة في الانتاج والابتكار لإثبات الذات. وهوما يعني أن هناك تأثيرا إيجابيا على مردودية التعلم داخل الجماعة حيث تصبح المكتسبات المحصل عليه افي هذه الحالة أرقى وأوفر من غيرها. فإذا استثنينا بعض المشاكل التنظيمية التي قد تحدث داخل جماعة القسم بالإضافة إلى بعض المظاهر السلبية التي تؤدي إلى ضياع الوقت أحيانا مكن القول بأن جماعة القسم تمتلك فاعلية أكبرفي مواجهة المشاكل المعرفية التي تعترضها نظرا لما تتضمنه من خبرات متعددة ومتنوعة تسمح لكل عضو مشارك بالاستفادة منها. فكما أن التلميذ يخضع لتأثيرات سلبية داخل جماعة القسم مثل الشغب أو الحمول أو الغش... مكنه أيضا أن يتأثر إيجابيا بأقرانه التلاميذ الذين يتميزون باعتماد استراتيجيات تعلمية أكثر فاعلية . مما يفرض عليه إيقاعا أسرع للتعلم والبحث عن أنجع السبل لاكتساب المعارف وتقييمها.
خلاصة عامة
إذا كانت البيداغوجيا التفاعلية قد وضعت ضمن أولوياتها الاهتمام بمختلف التفاعلات الني تحدث داخل الجماعة التربوية وما ينتج عنها من ظواهر نفسية واجتماعية مختلفة. فإن دينامية الجماعة تشكل موضوعا خصبا مكن من قراءة وتحليل هذه التفاعلات انطلاقا من الخصائص التي تميزها.حيث كشفت عن إمكانات هائلة من خلال مختلف التطبيقات التربوية داخل الفصل الدراسي سواء على مستوى تغيير وثيدة الاكتساب المعرفي ومحصلاته أو على مستوى تغيير استراتيجيات التعلم في اتجاه اكتساب مهارات التعلم الذاتي ومنهجية حل المشاكل المعرفية. أوي اتجاه اكتساب مهارات مكن استثمارها على المدى البعيد مثل الاندماج الاجتماعي وحسن التوافق.
-------------
دينامية الجماعة في المجال التربوي
دينامية الجماعة التربوية
دينامية الجماعة داخل القسم
خصائص دينامية الجماعة
دينامية الجماعة في التعليم
تعريف دينامية الجماعة
نشأة دينامية الجماعة
دينامية الجماعة في التربية