وجود فئة الأساتذة والفقهاء ضمن الأكثر زواجا بالقاصرات يثير جدلا بالمغرب
على الرغم من النقاشات المستمرة بشأن زواج القاصرات والطفلات والدعوات الوطنية والدولية لمنعه، إلا أن الواقع المجتمعي المغربي يكشف عن حقيقة مختلفة. فقد كشفت دراسة تشخيصية أجرتها النيابة العامة أن الفئة المعنية بالتعليم والفقهاء والموظفين، والمفترض أنها تنتمي للطبقة الثقافية، هي في الواقع من بين المقبلين على الزواج من القاصرات.
وفي هذا السياق، أشارت شيماء الزمزمي، المستشارة عن فريق التجمع الوطني للأحرار، إلى أن “إن هؤلاء المعول عليهم للتصدي للظاهرة هم من بين المقبلين عليها”.
في حين يرى النشطاء في مجال حقوق الإنسان أن السماح بزواج القاصرات يشكل "استمرارًا للبيدوفيليا"، فيما يؤكد علماء الدين أن "الأصل في حكم الزواج بالقاصرات هو الإباحة".
قال لحسن بن إبراهيم السكنفل، رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة الصخيرات تمارة، إن المعلمين والمعروفين بالفقهاء في المجتمع هم مواطنون يخضعون لأحكام الشرع والقانون المشتق منه، نظرًا لكونهم مكلفين.
وأضاف السكنفل، في تصريح خصه "لجريدة هسبريس"، أنه وفقًا للدراسة، فإن هذه الفئة من المواطنين هم أكثر الأشخاص الذين يتزوجون بالقاصرات (ما بين سن 15 و 18 عامًا)، ويقومون بذلك وفقًا للقانون ومدونة الأسرة. وعادة ما يحدث ذلك في المناطق الريفية والمناطق التي تعاني من ضعف البنية التحتية، حيث يعتقد الناس أن زواج بناتهم القاصرات يضمن مستقبلهن في ظل انتشار الأمية والجهل والفقر والضعف.
وأكد المتحدث نفسه أن "الأصل في حكم زواج القاصرات هو الإباحة"، مشددًا على أن الحاكم يمتلك الحق في تقييد هذه الإباحة وفقًا للواقع، من خلال إصدار القوانين التي تنظم مثل هذه الزيجات بما يحقق مصلحة القاصرات ويحمي حقوقهن الفورية والمستقبلية. وهذا هو ما تحققه مدونة الأسرة في المغرب.
كما شددت سميرة موحيا، رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء، على ضرورة إلغاء زواج الطفلات الذي يقل عن 18 سنة، واعتبرته "استمرارًا للبيدوفيليا". وطرحت سؤالًا قائلة: "كيف يمكن لنا أن نتفهم أن أي اعتداء جنسي على الأطفال يُعتبر هتكًا للعرض ويُعاقب عليه بالسجن في القانون الجنائي، وفي المقابل، تسمح نفس مدونة الأسرة بالسماح بزواج الأطفال وتتوقع من الفتاة الصغيرة أن تدير منزلًا وأسرة؟"
وفي سياق متصل، أشارت موحيا 'لنفس المنبر الاعلامي " إلى أن هناك فئة من الرجال، على الرغم من تعليمهم، يقبلون على الزواج من القاصرات، ويرتبط هذا الأمر بالفكر الأبوي والهيمنة الذكورية، حتى في العصر الحالي. وأوضحت أن هؤلاء الأشخاص يرون الطفلة من منظور جنسي.
وأكملت موحيا بالقول فيما معناه "ويظهر هذا الأمر حتى في بعض القضاة الذين يصدرون أحكامًا في جرائم جنسية بعقوبات حبسية مخففة ويلجأون إلى ظروف التخفيف للمتهمين دون مراعاة الآثار النفسية والاجتماعية الضارة على هؤلاء الطفلات".
وأشارت الناشطة الحقوقية إلى أن للطفل حقوقه وكرامته المقدسة، ويجب أن يحظى بالاحترام الكامل والاعتراف بحقوقه الكاملة حتى يتمكن من أن يصبح مواطنًا متكاملًا.
وأضافت: "قام جلالة الملك دائمًا بدعم المرأة والارتقاء بمكانتها، وكان استقباله لطفلة صغيرة خلال الدروس الحسنية في رمضان الماضي استجابة لحقوق الأطفال، وعلى المشرعين أن يستوعبوا هذه الرسائل وأن يأخذواها بعين الاعتبار".
وشددت موحيا على ضرورة "إلغاء زواج الطفلات الذين يقل عمرهم عن 18 سنة وعدم فتح المجال لأي استثناء، حيث يجب أن يكون ذلك الأمر القاعدة"، مشيرة إلى أن ذلك يؤثر أيضًا على التنمية وتقدم البلاد ويحد من إمكانات نصف المجتمع.